هل يترشّح ميقاتي؟
كتب سامر زريق في أساس ميديا:
الإرباك والضبابيّة هما السمتان الطاغيتان لدى جميع القوى السياسية، التقليدية أو التغييرية، في كلّ الدوائر الانتخابية، ومنها دائرة الشمال الثانية. فهناك مجموعة عِقَد تنتظر الحسم، وأسئلة كثيرة لا تزال من دون أجوبة مع بدء العدّ العكسي لإقفال باب الترشيحات.
هل يترشّح ميقاتي؟
سؤال لا يزال بلا إجابة. إذ يتعمّد الرئيس نجيب ميقاتي بثّ إشارات متناقضة بهذا الخصوص. فتارّة تتحدّث مصادره عن ترشّحه، وأطواراً عن عزوفه، وقليلاً عن التأجيل.
يندرج كلّ ذلك في سلّة مناورات يشتهر بها "أبو ماهر". وهو لن يعلن قراره النهائي إلّا قبل وقت قليل من انتهاء مهلة الترشيحات، عندما يتّضح مآل التحرّكات السنّيّة، وفي طليعتها حركة الرئيس فؤاد السنيورة، لإيجاد إطار سياسي سنّيّ موسّع يخوض الانتخابات.
في حال عدم ترشّح ميقاتي: هل يُرشِّح فرداً من الأسرة مكانه، أم واحداً من المُقرّبين منه، أم يكتفي بدعم لائحة فقط؟
لائحة الإطار التنسيقيّ السنّيّ
تُشير معلومات "أساس" إلى أنّ العمل جارٍ على تشكيل لائحة ائتلاف سنّيّ تحظى ببركة ودعم ميقاتي إنّما من دون مشاركته، لائحة يمكن أنْ نُطلق عليها "الإطار التنسيقي السنّيّ". على أن تضمّ نائب المستقبل سامي فتفت، وكريم كبّارة، نجل النائب محمد كبّارة، وسليمان عبيد، نجل النائب الراحل جان عبيد عن المقعد الماروني، بالإضافة إلى النائب علي درويش عن المقعد العلويّ، وهو المرشّح الوحيد من كتلة ميقاتي.
لن يترشّح النائب نقولا نحاس، ولم يُحسَم بعد اسم المرشح الأرثوذكسي وإن كان الأرجح أن تكون ابنة المصرفي سليم حبيب هي الأصح، وسط معلومات عن مفاوضات مع النائب السابق روبير فاضل، الراغب في العودة إلى الساحة السياسية لكنّه محتار في تحديد البوّابة التي سيدخلها عبرها: الرئيس ميقاتي، بهاء الحريري، أم قوى التغيير.
مرشّح ينتقد السعوديّة/ علوش يبادر
يبدو أن مبادرة الرئيس فؤاد السنيورة نجحت بتحريك المياه السنية الراكدة، فقد قدم نائب رئيس تيار المستقبل الدكتور مصطفى علوش استقالته من التيار، ليكسر بذلك الحاجز النفسي الذي كان يتهيبه نواب ومسؤولي المستقبل الراغبين في الترشح، وبالتالي فإنّ ترشيح علوش عن أحد المقاعد السنية في طرابلس قد حسم، ومن المتوقع أن تكر سبحة الاستقالات بعد علوش.
كما تُشير المعلومات أيضاً إلى ترشّح المحامي الدكتور محمد الجسر على لائحة ميقاتي مرّة أخرى بعد تجربة العام 2018، على الرغم من أنّ الأخير ساءته التجربة وقتها لأنّ ميقاتي استفاد من أصواته في لعبة الحواصل، ولم يُجيّر له صوتاً واحداً. لكنّ ترشيحه هذه المرّة سيأخذ زخماً إضافياً على اعتبار أنّه سيكون الممثّل السياسي لعائلة الجسر بعد عزوف النائب سمير الجسر عن الترشّح، وامتناع نجله غسان عن خوض الانتخابات، وهو ما قد يرفع من رصيد أصواته.
محمد الجسر هو حفيد المرشّح السنّيّ لرئاسة الجمهورية زمن الانتداب الفرنسي الشيخ محمد الجسر، ويُشهد له باستقامته، لكنّه دائم الانتقاد للنظام السعودي على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا ما قد يعوّق دون انضمامه إلى اللائحة المدعومة من ميقاتي.
عقدة الإخوان المسلمين
سبق أن صرّح الأمين العام للجماعة الإسلامية غير مرّة بانفتاح الجماعة على كلّ القوى السياسية، وهو كان راغباً بالمشاركة في لائحة ميقاتي، لكنّ الإخوان المحظورين خليجيّاً تُصعّب حدوث ذلك في ظلّ مساعي الرئيس ميقاتي الحثيثة إلى إعادة إصلاح العلاقات مع السعودية ودول الخليج.
ومن جانب آخر، فإنّ انضمام مرشح الجماعة إلى لائحة كرامي دونه صعوبة الاجتماع مع جمعية المشاريع الإسلامية –طه ناجي- في لائحة واحدة، بسبب العداء الأيديولوجي التاريخي بين الجماعتين. أضف الى ذلك أنّ كرامي حسم ترشيح أحمد الأمين في لائحته، وهو عضو المجلس الإسلامي الشرعي، ورجل أعمال لديه مؤسسات تجارية واجتماعية فاعلة في المدينة وجوارها، ويُعتبر ممثّل الحالة الإسلامية في اللائحة. وحسب معلومات "أساس" فإنّ الجماعة الاسلامية تتّجه الى تشكيل لائحة إسلاميّة الطابع.
عقدة خلاف الصمد وكرامي: كاظم هو الحلّ؟
وفق معلومات "أساس" فإنّ اللائحة المدعومة من ميقاتي أقرب إلى اعتماد ترشيح النائب عثمان علم الدين عن مقعد المنية، في حين أنّ كاظم الخير قد يخوض الانتخابات ضمن لائحة الوزير فيصل كرامي.
بيد أنّ إعلان أحمد علم الدين، الملقّب بـ"الدوري"، ترشّحه مرفقاً ببرنامج انتخابي طموح، قد يخلط الحسابات؟ فهو كان الأقرب إلى أن يكون مرشّح العائلة على لائحة المستقبل عام 2018، لكنّه آثر الابتعاد عن الساحة ومتابعة أعماله في أوروبا قبل أيّام قليلة من إعلان لوائح المستقبل.
في المقلب الآخر، تقدمت الوساطات "الرفيعة" في حلّ الخلافات بين النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد. فالأخير مُتمسّك بلاءاته الثلاث: لا لمرشّح في الضنّية إلّا بالاتّفاق معه، ولا لمرشّح عوني في اللائحة، ولا لترشيح كمال الخير عن المنية.
في النهاية سيكون هذا السيناريو هو الأقرب إلى التحقّق، لكنّه يبقى عرضة للتبديل والتغيير في أيّ لحظة ما لم يُعلَن بشكل رسمي. ولا يزال هناك مُتّسعٌ من الوقت حتى 4 نيسان، التاريخ النهائي لإعلان اللوائح، يستطيع خلاله الرئيس ميقاتي إجراء الكثير من المناورات السياسية، ولا سيّما أنّه لم يعد يهتمّ لأمر مقعد أو كتلة، فالزعامة السنّيّة تطلبه ولا يطلبها، والميثاقية بحاجة إليه، وعقد إيجار السراي الحكومي موضوع باسمه... حتى إشعار آخر.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن أن تحصل هذه اللائحة على 9 مقاعد من أصل 11 كما هو الحال في المرة الماضية (3 حواصل مع كسر لميقاتي، و5 حواصل للمستقيلين من المستقبل)؟