هل يُفسّرها "الدستوريّ" ويُنهي إجتهادات "الذين يؤلّفون المجلس قانونًا"؟
كتب أكرم حمدان في نداء الوطن:
إنشغال لبنان والوسط السياسي بالأزمة الناشئة أخيراً بين لبنان والمملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج، وإستمرار تعطيل مؤسسة مجلس الوزراء والتفتيش عن مخارج ربما تتيح عودتها إلى الإجتماع، والهموم والويلات الكثيرة التي تلاحق اللبنانيين كل يوم، لن يحجبوا عودة النقاش مجدداً إلى الإجتهادات والآراء القانونية والدستورية التي سجلتها الجلسة النيابية الأخيرة خلال مناقشة وتصويت ردّ الردّ لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون لقانون تعديلات قانون الإنتخاب والتي سجلت للمرة الأولى منذ إقرار إتفاق الطائف نقاشاً حول مفهوم وتفسير الأغلبية التي يتألف منها مجلس النواب قانوناً وفق نص المادة 57 من الدستور.
عودة النقاش ستنطلق من خلال المسارالجديد للقانون الذي نشر أمس في الجريدة الرسمية، وبالتالي فإن الطعن به أمام المجلس الدستوري من قبل رئيس الجمهورية أو تكتل "لبنان القوي" أمامه فرصة 15 يوماً من الآن، أي يفترض أن يتم تقديمه بتاريخ 19 أو 20 تشرين الثاني الجاري كحد أقصى ويجب بتّه خلال مهلة شهر، أي بتاريخ 20 كانون الأول كحد أقصى. وهكذا ينتهي السجال حول مضمون القانون قبل موعد دعوة الهيئات الناخبة في حال سارت الأمور كما يجب. ففي حال تم تثبيت موعد إجراء الإنتخابات في 27 آذارالمقبل تتم دعوة الهيئات الناخبة في 27 كانون الأول، وفي حال تم تعديل الموعد إلى 8 أيار تتم دعوة الهيئات الناخبة في 8 شباط المقبل. وكان النقاش خلال الجلسة قد سجل مواقف مختلفة ومتناقضة حول إحتساب النصاب حيث أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن "ما جرى ليس تفسيراً للدستور ولا تعديلاً له، وأن مهمة تفسير الدستور تعود للهيئة العامة لمجلس النواب".
وإنقسمت الآراء بين من هو مع السير باجتهاد إعتماد النصاب على أساس عدد النواب الأحياء، ما يعني أن جلسات المجلس يمكن أن تنعقد حالياً بـ59 نائباً بسبب إستقالة ثمانية نواب ووفاة ثلاثة، وبالتالي فإن عدد النواب الحاليين هو 117. أما الرأي الثاني فهو مع إعتماد النصاب على أساس الـ65 نائباً على إعتبار أن النص ليس بحاجة إلى إجتهاد أو تفسير، لأن المجلس يتألف قانوناً من 128 نائباً حسب قانون الإنتخاب.
بارود: لا يحتمل التأويل
ومن مؤيدي هذا التفسير الوزيرالسابق والمحامي والخبير الدستوري والقانوني زياد بارود الذي أكد لـ"نداء الوطن" أن "نص المادة 57 من الدستور لا يحتمل الإجتهاد لأنه واضح لجهة أن المجلس يتألف قانوناً من 128 نائباً حسب قانون الإنتخاب". ويرى بارود أن "الإستناد الى آراء وإجتهادات سابقة يجب أن يكون على علاقة بالمادة 57 وليس بتفسير مواد أخرى، كما أنه لا يجوزالتمييز بين المقعد والشخص خصوصاً وأن المادة 41 من الدستور تحدثت عن حالة الشغور وأوجبت ملء الشغور خلال مهلة شهرين، ونحن لسنا في حالة إستثنائية كما كان يحصل أيام الحرب وكان يتناقص عدد النواب ولا يمكن إجراء إنتخابات، لذلك فإن التفسيرالذي اعتمد في الجلسة قانونياً ودستورياً في غير محله". ويلفت بارود إلى أن "ما جرى في الجلسة كان تفسيراً غير مباشر للمادة 57 وبالتالي ينطوي على تعديل، والتعديل بحاجة إلى أكثرية الثلثين".
ويذكر بأن "مجلس النواب عندما ناقش عام 1990 قانون صلاحيات المجلس الدستوري الذي أرسلته الحكومة كان يتضمن النظر في دستورية القوانين والطعون الإنتخابية وتفسير الدستور وخلال المناقشات إسترد مجلس النواب صلاحية التفسير وبالتالي فإن السؤال هو: ما هي الأكثرية المطلوبة للتفسير التي تنطوي على تعديل"؟ ويأسف بارود "أنه لا يوجد طرف يمكن أن يحسم هذا النقاش أو يبتّ هذا الجدل، إلا أنه يمكن للمجلس الدستوري أن يُعطي تفسيراً ولومتأخراً للمادة 57 لأن المجلس الدستوري عادة يُعلل قراراته وهذا التعليل مثابة التفسير في مكان ما".