هل يقبل المجتمع الدولي بتمديد تقني لمجلس النواب الحالي؟
كتبت ألين فرح في أخبار اليوم:
رغم الدعم الدولي الذي تحظاه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي من الفرنسيين والأوروبيين الى موقف الخارجية الاميركية وأخيراً زيارة الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتييرس الى لبنان، إلا أنها عاجزة عن الاجتماع واتخاذ القرارات الضرورية لتسيير شؤون البلاد والعباد. ترابطت الملفات التي يُعمل عليها لإعادة الحياة الى اجتماعات الحكومة، وربطت إطاحة المحقق العدلي بانفجار بيروت، السبب الأساس لشلل الحكومة، بالطعن المقدم بقانون الانتخاب من تكتل "لبنان القوي" المنتظر صدوره غداً. وبغض النظر عن النتائج التي يمكن أن تترتب عن المقايضات أو التسويات التي يقال إنها تطبخ في المطابخ الداخلية، ألا أن عين المجتمع الدولي على الانتخابات النيابية.
من دون الحاجة الى التذكير دائماً أن حكومة ميقاتي، الممنوعة من السقوط كي لا يزيد الوضع تأزّماً وتفاقماً، مهمّتها توقيع العقد مع صندوق النقد الدولي واجراء الانتخابات النيابية وتبريد السخونة على صعيد ترسيم الحدود الجنوبية تمهيداً للوصول الى اتفاق يكون جزءاً من كلّ.
لكن حسابات المجتمع الدولي لا تتطابق وبيدر الواقع الانتخابي. فوفق الاستقصاءات التي يقوم بها المجتمع الدولي ثمة حديث عن أن قناعة أصبحت راسخة أن المجتمع المدني أو "جماعة الثورة" كما يطلق عليهم لن يستطيع تحقيق التغيير المنشود. فهو (اي المجتمع المدني) لم يستطع إنتاج قيادات تأخذ مكان الموجودين في السلطة، اضافة الى تشرذمه من دون تقديم أي برنامج إصلاحي سياسي اقتصادي، وهو يتحرّك وفق قاعدة "قوم لأقعد محلّك".
من هنا أصبح واضحاً أن الأفرقاء السياسيين سيعودون هم أنفسهم رغم تراجع شعبية الأحزاب كلها بنسب متفاوتة، ومن الممكن أن يؤدي ذلك الى حصول المجتمع المدني أو الاحزاب أو الاشخاص الذين ركبوا موجة الثورة والمعارضة على عدد محدود من المقاعد النيابية.
لذا، ثمة تخوّف من أن تجعل هذه المعطيات المجتمع الدولي يتراجع عن مطلبه إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وهذه العملية تحت طور تقييم حسناتها وسيئاتها، رغم المجاهرة والمطالبة علناً بالانتخابات، ورغم الضغوط والتهديد بسيف العقوبات على رقاب السياسيين المعرقلين للعملية الديموقراطية ولتنفيذ الإصلاحات. وهذا ربما يريحه أكثر من إعادة الاعتراف الدولي وتثبيت شرعية الطبقة السياسية الحالية التي ينتقدها ويتّهمّها بالفساد ويريد تغييرها.
في السياق، يبدو أن ثمة عقبات موضوعة في طريق الانتخابات النيابية لعلّ أبرزها الدائرة 16 في حال تمّ قبول الطعن، عدم توقيع وزير العدل مرسوم لجان القيد كما ينص القانون، عدم تعيين هيئة الاشراف على الانتخابات،… مما يفتح الباب أمام الحديث عن تمديد تقني لحوالي 6 شهور (وأسبابه متعددة كتأمين الأموال للعملية الانتخابية، انتقال وإقامة الموظفين، تأمين الكهرباء الى مراكز الاقتراع، اتصالات بشكل مستدام حتى نهاية الفرز، جهوزية أمنية في كل أقلام الاقتراع، ميغاسنتر أو لا، اضافة الى اجراءات تفشي وباء كورونا...) لعلّ الوضع الاقتصادي يتحسّن أو يتردّى أكثر مما يؤدي الى زيادة الضغط على الطبقة السياسية، وبالتالي يمكن أن يحصل التغيير المنشود وإصلاح النظام السياسي القائم الذي نعيش أزمته.
رغم مجاهرة الأحزاب كلها بضرورة إجراء الانتخابات وتهديدها بالشارع أو الاستقالات في حال التمديد لمجلس النواب (ما عدا واقعية نائب رئيس "المستقبل" مصطفى علوش الذي أعلن في حديث صحافي "أن إجراء الانتخابات في موعدها بعيد المنال")، فهل من يجرؤ على رفض التمديد للمجلس الحالي اذا لم يمانع المجتمع الدولي؟ وهل من يجرؤ على التمديد في ظل الواقع الذي يعيشه اللبنانيون والنقمة على الأحزاب المتراجعة شعبياً؟