وراثة "مطرقة" بري تتخطى المعركة النيابية... إنها "المحرقة"
كتب ألان سركيس في نداء الوطن:
يطرح كل فريق سياسي أو مدني عناوين عدّة لمعركته، منهم من يحصرها بالمطالب الإصلاحية وآخرون يضعون لها عنواناً سيادياً إصلاحياً.
يُعتبر مجلس النواب ركيزة النظام السياسي اللبناني، فقد انتقل النظام من شبه رئاسي مع ضوابط قبل توقيع «إتفاق الطائف» إلى برلماني حيث نُزعت صلاحيات من رئيس الجمهورية ووضعت في يد مجلس الوزراء مجتمعاً.
ونظراً إلى التركيبة الجديدة لطريقة حكم لبنان والتي لم تُحترم يوماً، فإنه من البديهي أن يتم التركيز على الإنتخابات النيابية والتي تُعتبر من أصعب الدورات في تاريخ لبنان لأنها مفصلية وتعطي الشعب حقّ اختيار أي لبنان يريد.
وإذا كان التركيز على الأكثرية النيابية مهمّاً للغاية وما إذا كانت ستعود كما كانت في المجلس الحالي أو إنها ستتغير، إلا أن هناك استحقاقاً يتبعها ويوازيها بالأهمية، وهو من سيكون رئيس مجلس النواب.
قبل «الطائف» كان رئيس المجلس يتغير باستمرار، لكن «طحشة» الطائفة الشيعية وصعود نجمها أجبرا بقية القوى على القبول بأربع سنوات كولاية لرئيس المجلس، ومع تعيين نبيه برّي رئيساً دائماً للمجلس بات هذا الموقع مرتبطاً بشكل عضوي بما يريده برّي.
جلس برّي على كرسي رئاسة مجلس النواب منذ إنتخابات 1992 ولا يزال، ولم يستطع أحد من القوى الشيعية وغير الشيعية الإطاحة به، حتى «حزب الله» لا يستطيع تخطيه مع أنه لا يرتاح كثيراً لأدائه في بعض الملفات، أما القوى المناوئة له فهي لا تملك بديلاً لأن إضعاف بري وحركة «أمل» سيضع الطائفة الشيعية في أحضان «حزب الله»، ولهذا السبب لم تطاوله العقوبات الأميركية بل وصلت فقط إلى معاونه السياسي علي حسن خليل وهذا الأمر يثير شكوكاً لدى «حزب الله».
30 سنة على كرسي رئاسة المجلس هي مدة طويلة، فقد مرّ على البلاد 4 رؤساء جمهوريات وتبدّل شاغل موقع رئاسة الحكومة 16 مرّة وبرّي صامد ولا يهتز مهما تقلّبت الظروف على رغم أن هناك من يعتبر أن أداءه في رئاسة المجلس لا يُلبّي طموحات اللبنانيين.
كل مرّة يُفتح فيها موضوع وراثة بري يُصار إلى إقفاله، وكل نائب شيعي حتى من حركة «أمل» يفكر همساً بأن يطرح نفسه وريثاً يُحجّم، و»يحترق»، و»حزب الله» وجبروته لا يستطيع أن يقول «لا» لبرّي، وكأن رئيس المجلس اختار أن يمدّد لنفسه 4 سنوات ليكمل عمر 34 سنة في سدّة الرئاسة الثانية.
والمشكلة تكمن في أنّه حتى لو فازت القوى المناهضة للأغلبية الحالية بالأكثرية، فإنها لا تملك وجهاً شيعياً بارزاً للرئاسة الثانية، وحتى لو حصلت على الأغلبية واستطاع «حزب الله» وحركة «أمل» تسكير المقاعد الشيعية في وجه الخصوم كما حصل في آخر إنتخابات، فمن أين تأتي المعارضة المنتصرة بنائب شيعي لترشحه للرئاسة الثانية؟
في ظل «الترويكا» التي تكونت في فترة الإحتلال السوري من رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي، وأثناء لقاءات «غسل القلوب» الدائمة بين الرئيس إميل لحود والرئيس رفيق الحريري، استشاط بري في إحدى المرات غضباً على الحريري وأطلق عبارته الشهيرة «يلي بيطلّع الحمار عالميدنة بينزّلو»، وبالتالي فإن القوى المعلومة والخفية التي نصّبت برّي رئيساً دائماً للمجلس هي التي تقرّر بقاءه أم لا، وسط إحتراق أو حرق أسماء منافسة له مثل النائب علي حسن خليل أو اللواء عباس إبراهيم، واستحالة وصول النائب جميل السيد إلى سدّة الرئاسة الثانية