في ظلّ قانون الانتخاب نفسه النافذ منذ عام 2017، يعكس هذا السؤال مغزى الصراع في الانتخابات المقبلة على الأكثرية النيابية الجديدة التي سيسعها التأثير في انتخاب الرئيس الجديد ومواصفاته وموقعه في موازين قوى داخلية مهتزّة مشوّشة ومضطربة.
لأن الأمر كذلك، فإن حزب الله هو أكثر المعنيين بانتخابات آذار 2022 ليس بإجرائها فحسب، بل بالخروج منها منتصراً بما يتجاوز اكتفاءه بحصة الطائفة في مقاعدها الـ27 كلها، إلى الاحتفاظ بالغالبية النيابية الحالية التي يمسك بها.
من المؤكد أن من السذاجة الاعتقاد بأن الانتخابات النيابية ستُجرى لأنها استحقاق دستوري ملزم بمهله، ولأن الاقتراع يدخل في صلب تقاليد الديمقراطية اللبنانية. الصائب أن الأهمية التي يستمدّها الاستحقاق المقبل تكمن في ما يريده منها حزب الله، على رأس الغالبية النيابية التي تمثلها قوى 8 آذار وحليفها التيار الوطني الحر:
1 ـ لحزب الله وحلفائه 72 نائباً يشكلون الغالبية النيابية الحالية، في السنة ما قبل الأخيرة من ولاية برلمان 2018. ما يتوخّاه الاحتفاظ بها تمهيداً لما ينتظره في الأشهر المقبلة، من غير إغفال كثير من التكهّنات تتحدّث عن احتمال تغيير ـ وإن غامضاً تماماً الى الآن على الأقلّ ـ في بنية مجلس نواب 2022. يغالي المنادون بالتغيير في صفوف المجتمع المدني والهيئات المناوئة للطبقة السياسية الحاكمة في تقدير حجم هذا التغيير، كي يقولوا إنه سيزيد عن ربع المجلس الجديد، بينما بضعة تقديرات مغايرة لا تتوقّع، في أحسن الأحوال، أكثر من 10 نواب جدد. رقم متواضع غير طموح، وغير كافٍ. بيد أنه ثقيل الوطأة على قوى 8 آذار وحلفائها ورأس حربتها حزب الله.
رقم كهذا يعني تجريد هذا الفريق ـ على أبواب انتخابات رئاسة الجمهورية ـ من الأكثرية المطلقة، بأن يتدنّى نوابه من 72 نائباً إلى 62 نائباً، أو ربما أقلّ. مع أن نصاب الغالبية المطلقة (65 نائباً) لا يمكّن أصحابه من فرض رئيس جديد للجمهورية على الأقلية، إلا أنه يتيح لها التفاوض على الاستحقاق المقبل. يجعلها تقترح ولا تفرض. ذلك ما أتاح لحزب الله أن يفعل طوال سنتين ونصف سنة من الشغور الرئاسي، ما بين عامَي 2014 و2016. يملك دائماً مقدرة على التعطيل ولا يملك سلطة الفرض.
2 ـ لن يكون سهلاً على حزب الله القبول بمواصفات رئيس للجمهورية ليست مكمّلة لمواصفات عون. ما أعطاه إياه الرئيس الحالي على مرّ سني ولايته، لا سابق له في إطلاق يده في الداخل اللبناني، أضف دفاعه المستمرّ عنه وعن سلاحه. في ظلّ العهد الحالي، أضحى للحزب حجم سياسي ـــ بالتأكيد أقلّ بكثير مما له في الإقليم ـــ مكّنه من أن يصبح مرجعية الحل والربط، فوق الرؤساء والمؤسسات، فوق الدولة نفسها. ليس في وارد تكرار تجربة الرئيس ميشال سليمان المنتخب توافقياً عام 2008 بتأييد الحزب ورضى سوري، قبل أن ينقلب عليه ويعاديه في السنة ما قبل الأخيرة من ولايته. منح عون حليفه ما لا يسع هذا الأخير بعد الآن القبول بأقلّ منه، أو بما يقلص نفوذه. بفضل توقيع رئيس الجمهورية، اطمأن حزب الله إلى إدارة الحكم، معوِّلاً على ظهير صلب لا يلين. لم يكن انقضاء 13 شهراً في عمر فراغ حكومي أن يستمر وينتهي إلى حكومة على نحو أرضى الحليفين معاً، لو لم يستخدم عون سلاح توقيعه.
سبب كافٍ كي يقارب الحزب الانتخابات النيابية المقبلة بما لا يجعله يغامر بانتخابات رئاسة الجمهورية في المحطة التالية.